التعامل مع أخطاء الطلاب
المعلم له سلطة والطالب يتقبل منه ما لا يتقبل من غيره. ولهذا لا ينبغي للمعلم أن يستغل هذه السلطة فيؤدي تصحيحه للخطأ إلى خطأ أكبر، بل عليه أن يسخر ما أتاه الله من سلطة على الطالب في أمره بالمعروف ونهي عن المنكر وتعليمه الصواب بالطريقة الحسنى، و أن يدرك أن مسؤوليته عظيمة لأن الطلاب يتقلبون منه أكثر مما يتقلبون من غيره فالمعلم قد يضرب الطالب ويرضى الطالب بذلك ولكن لا يرض من شخص غريب .
ولذا كان من المهم معرفة أساليب وطرق معالجة الأخطاء؛ وهنا أذكر ـ باختصار ـ بعض الطرق في معالجة أخطاء الطلاب.
لنكن واقعيين
التعامل مع الطالب يجب أن يكون بصورة واقعية بعيداً عن المثالية والصور التجريدية التي يصعب تطبيقها. فلا تتوقع من الطالب أن يكون مثالياً في أقواله وأفعاله وفي تصرفاته وسلوكه وأخلاقه ودراسته وتعامله مع الطلاب والمعلمين فهذا أمر متعذر ويندر تحققه.
لذلك علينا أن نكون واقعيين مع أنفسنا ومع طلابنا نبتعد عن المثالية ـ والتي قد نفتقدها في أنفسنا ـ ونتعامل معهم على أنهم أطفال يجهلون أكثر مما يعلمون ويخطئون أكثر مما يصيبون وأنهم في مرحلة تعلم وإرشاد. فنتوقع منهم الخطأ كي يمكننا أن نضع ذلك الخطأ في إطاره الصحيح. ونكون قادرين على وضع الحلول المناسبة لعلاج الخطأ.
الاهتمام ببداية الخطأ
الخطأ الكبير في الغالب يسبقه أخطأ صغيرة، فهو نتيجة تراكم وتتابع مشكلات صغار تساهل المربي في حلها فأدت إلى مشكلة أعمق وخطأ كبير. فمثلاً قد تجد طالباً بدأ يتعرف ويصاحب مجموعة سيئة فلو ترك هذا الخطأ لتوالد عنه خطأ أكبر وأشنع . ومن ذلك قد يرى المعلم سلوكاً أو تصرفاً خاطئاً من بعض التلاميذ فيهمل المعلم علاج هذا الخطأ ولا يلتفت إليه وليس من باب التغاضي والذي يكون الخطأ نتيجة غير مقصودة من الطلاب فيتغاضى المعلم وإنما عدم مبالاة بهذا الخطأ وخاصة إذا كان الخطأ لا يؤثر على سير انتظام الدرس. فقد يرى المعلم أن الطالب كثير السرحان في الحصة فلا يلتفت إلى هذه المشكلة ولا يبالي بها لأنها لا تؤثر على سير الدرس والحقيقة أن التهاون بالأخطاء مهما كان حجمه وعدم المبادرة في علاجه مبكراً يعني نشؤ أخطاء عميقة في المستقبل قد يصعب على المرء تجاوزها.
الخطأ في معالجة الخطأ
أحياناً حرص المعلم وحماسته على أن يفهموا الطلاب الدرس أو أن يضبط الفصل أو أن يخرج طلاباً ناضجين قادرين على مواجهة الحياة بكفاءة يقعه ذلك في أخطاء غير مقصودة تؤثر على شخصية الطالب.
فمن ذلك قد يرى المعلم من الطالب تصرفاً خاطئاً فقد يتحرك الطالب في الفصل بدون استئذان أو يتعلك خلال الدرس فيغضب المعلم ويشتد غضبه فيضرب الطالب أو يسبه ويتلفظ عليه بألفاظ قاسية تجرح الطالب وتحرجه وقد تحبطه. فهنا المعلم حاول تصحيح خطأ الطالب ولكن وقع المعلم في خطأ أشد وأعمق نتيجة ردة فعل غير منضبطة . ونحن نعلم عندما رأ أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم الأعرابي وهو يبول في المسجد وهو خطأ ولاشك، كيف أن الصحابة الكرام كادوا أن يوسعوا دائرة هذا الخطأ عندما نهروه وزجروه لأنه بذلك قد يلوث أماكن أخرى في المسجد ولكن عالج رسول الله الموقف وذلك بأن قال :" دعوه ولا تزرموه . قال : فلما فرغ دعا بدلو من ماء ، فصبه عليه " فانتهت القضية، فالخطأ لا يعالج بخطأ ولذلك من رأ من نفسه انفعالاً أن يقف قليلاً حتى تهدأ نفسه ثم يتخذ القرار المناسب في علاج الخطأ . إذ أن علاج خطأ في حالة الانفعال تحدث أخطاء أخرى غير مرغوبة.
نحن قد نكون جزءاً من الخطأ
أحياناً يُخرج الإنسان من القضية وهو قد يكون جزء أساسي فيها، فلا يلوم نفسه أو يعاتبها أو يحملها أدنى مسؤولية وإنما يجعل اللوم على الطالب فمثلاً تجده يقول الطالب فلان مستواه العلمي متردي جداً وقد يكون سبب عدم فهمه واستيعابه هو طريقة تعامل المعلم مع الطالب أو طريقة شرح المعلم لا تناسب عقلية الطالب أو هناك حاجز نفسي بين الطالب والمعلم كخوف الطالب من المعلم. لذلك قبل أن تصدر حكماً على أخطاء الآخرين ننظر هل نحن ضمن دائرة الخطاء أم لا؟
تقييم الخطأ
قياس الخطأ وتحديده أمر مهم جداً . فالطالب قد يعمل أشياء في الفصل يظنها أموراً عادية وينظر لها المعلم على أنها خطأ وفيها عدم احترام وتقدير للمعلم. فمثلاً إذا تحرك طالب في الفصل وذهب إلى زميله ليأخذ قلماً دون أن يستأذن من المعلم فقد يرى المعلم أن هذا التصرف خاطئ وفيه عدم إهانة وعدم احترام لوجود المعلم فيعاقبه المعلم على أمر لم يظنه الطالب خطأ. لذا من المهم على المعلم أن يبين لطلابه ما الأشياء التي لا يرغبها كي لا يأتيها الطالب دون أن يدرك أنه وقع في خطأ.
توسيع دائرة الحكم على الخطأ
بمعنى أن للطالب أخطأ في جزئية معينة فقد يكون مهملاً في مادة معينة فيحكم إهماله على جميع المواد وقد يزداد في توسيع دائرة الحكم فتكون على أخلاقه وسلوكياته.
فالتعميم فيه نوع من الظلم وعدم العدل في الحكم وبالتالي يكون الحكم جائراً مجانباً للصواب. ومن المهم أن يكون لدينا الدقة في الحكم على الأشخاص والأشياء فإن كان مقصراً في الرياضيات مثلاً نرى في أي جزء من الرياضيات مقصر فقد يكون فقط في جدول الضرب فتحديدنا بدقة للخطأ يعطينا القدرة على معالجته والتعامل معه بطريقة صحيحة. فتضخيم الخطأ وإعطاءه أكبر من حجمه لا يمكننا من حل المشكلة بل يعقدها ويزيدها سوء.
اتخاذ طرق عملية صحيحة في علاج الخطأ
ولذلك من الخطأ أن يقول الشخص هذا الطالب: ما ينفع معه شيء، لا فائدة فيه. فهذه ألفاظ سلبية تنم عن يأس وعجز في تقويم شخصية الطالب وتهذيبها وقد يكون عدم القدرة على التقويم هو استخدام أسلوب خاطئ لا تتوافق مع شخصية الطالب، فقد يعالج المعلم الخطأ بالعقاب والضرب والمسألة تتطلب تصحيح مفاهيمي فلا يستقيم بسبب الأسلوب الخاطئ في التعامل مع الخطأ.
التعامل برفق مع الخطأ
دور المعلم هو التقويم والتهذيب والإصلاح لذلك فهو يسلك أفضل الطرق وأحسنها للعلاج وليس أشدها وأقساها. فإن أخطاء الطالب فيتعامل مع أخطائه باحترام ولطف كأن يقول: أنت أخطأت وأتمنى أن لا يكون هذا عن غير قصد .. فاستخدام العبارات الرقيقة الهادئة تمنع الطالب من معاودة الخطأ فهو يخشى أن يكسر حاجز الاحترام والتقدير الذي طوقته به. وكثيراً ما نرى القسوة والشدة تجعل الطالب يستمر في خطأه بل قد يتمادى في أخطائه.
كيف لا ونحن نعلم أن الرفق ما نزع من شيء إلا شانه.
التنوع في علاج الخطأ
هناك من الأشخاص لا يملك إلا وسيلة واحدة لحل المشاكل وتصحيح الأخطاء، فأي خطأ يواجه يقابل تصحيحه بالعقاب، مع إن العقاب هو آخر الحلول. وعدم وجود آليات متنوعة في حل الأخطاء دلالة على عجز المعلم على التربية الصحيحة، فالطلاب يتمايزون والأخطاء تختلف وتتنوع فحتماً لابد من اختلاف الحلول مع كل مشكلة.
ومن تأمل سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجد تنوع الأساليب في علاج الأخطاء، فتارة يتجاوز ويعفو... وتارة يهجر.. وتارة يبين الخطاء... وتارة يشتد إنكاره كما في قصة صاحب الشجة..
لست قادراً على حل المشاكل
أي خطأ يحدث داخل الفصل يتجه بعض المعلمين إلى إرسال الطالب للإدارة أو المرشد، وهذه كونها قضية مزعجة للإدارة ومحرجة للطالب فهي تدل على أن المعلم عاجز عن حل المشكلة فهو يبحث عن حلول خارجية حتى وإن كان الخطأ بسيطاً
وحل المعلم الخطأ بنفسه يعني زيادة الثقة الذاتية لديه وبالتالي يكون لديه القدرة في المستقبل على حل الأخطاء بطريقة أكثر إبداعاً. وكذلك ربما يكون المعلم هو أقدر من يحل الخطأ بنفسه لأنه عايش الخطأ فهو يدرك الأبعاد الحقيقية للخطأ.
رد المخطئ إلى الشرع
في غمرة الخطأ وملابسات الحادث يغيب المبدأ الشرعي عن الأذهان، لذلك من المهم أن يربط الطالب ويذكر بالحكم الشرعي فهو قد لا يرعوي بالتوجيه ولكنه يقف عندما تذكره بالله تعالى وتعظم الله في قلبه، فتظل الفطرة نقية حتى وإن سقط في الخطأ.
في النهايه اتمنى انكم استفدتم
الموضوع منقول
مــــــــــــــــــارجريت
عدل سابقا من قبل marguerite في 25/2/2009, 12:54 pm عدل 1 مرات (السبب : تصحيح الموضوع)