العقل الباطن : هو ما يجري في عقولنا تحت مستوى الشعور .. احيانا أنظر باندهاش شديد الى ذلك الانسان الذي يدعي بأنه يعرف كل شئ ... أبتسم في داخلي و أتساءل : و هل فهمت نفسك أيها الإنسان ؟...... أتحداك لو أجبت بنعم ... رغم أنك صادق بالاجابة , لأنك تجيب بعقلك الواعي .. و لكنك تنسى أن لديك عقلا آخر يعرف باسم العقل الباطن !! ... ذلك الجزء الجميل المجهول و الذي يتحكم في توجيه سلوك الانسان و في بعض الكلمات التي تخرج على لسانه دون وعيه .. كما يتحكم في الاحلام .. و خلاصته هو الذي يتحكم بكل الرغبات المكبوتة .. وفي الحقيقة هو الجزء الصادق منا مئة بالمئة .. انه نحن بدون رتوش و لا قناع .. و كأنه انسان آخر يعيش بداخلنا .. الانسان المختبأ الذي لا نراه .. و لا نعرف عنه شيئا و ربما هو أيضا لا يعرف عنا شيئا و لكل منكما عالمه الخاص و لغته و قوانينه .... أنت محكوم بقوانين المجتمع و الناس .. و لكنه لا يأبه لقوانين المجتمع .. قانونه الارضاء المباشر – الطفولي – قانونه وضعه بنفسه و لنفسه لذلك فهو انزوى عنك و عن الناس .. و اصبح باطنيا غير مرئي .. أي أنك اثنان في واحد .. انسان داخل انسان .. واحد ظاهر و الآخر مستتر يقدم لك الأسلحة الدفاعية لتذود بها عن نفسك .. يحلو للبعض أن يصور النفس بالجبل الجليدي في المحيط .. ما ظهر فيه فوق سطح الماء هو الوعي أو الشعور .. و هو ضئيل جدا اذا قيس بما خفي من هذا الجبل " اللاوعي أو اللاشعور" .. و هناك آخرين أيضا يصورون النفس كمدينة كبيرة في الليل مسلط عليها مصباح وهاج يدور فوقها .. وما يظهره ضوء المصباح من المدينة هو الوعي أما ما خفي فهو اللاوعي .. و سواء ما أظهره الضوء أو أخفاه الظلام فإن المدينة زاخرة بالحياة و ان لم يتسن لنا رؤية ما يحدث فيها بسبب الظلام .. ان أكثر الأفكار السلبية في غالبها من تذكرات الطفولة و انحطاطها " مخزون العقل الباطن " .. و حتى نستطيع التغلب على الضغط العصبي يجب أن نحول كل فكرة سلبية الى ضدها قبل ان تهبط للعقل الباطن و ترقد فيه دون أن نشعربها فهي في النهاية سترصف هناك .. و عملية التحويل هذه يسمونها العلماء " تقطيب الفكرة " .. أي أن تحويل الفكرة يكون بمراقبة تفكيرك .. ثابر على هذا العمل اسبوع أو اسبوعين حتى و لو لم تحصل نتيجة فإنك في النهاية سوف تتفاجأ بالنتيجة .. – اعقد العزم على أن تحتفظ بروحك ملأى بالطيبة فلا يبقى مكان للنفور .. بإمكاننا أن نتصور أرواحنا كالغرفة ذات بابين بينهما سلسلة بحيث إذا فتح باب انغلق الآخر آليا .. فإذا فتحت الباب الأول و انت تفكر بأفكار طيبة ينغلق الآخر بسرعة و يمنع النفور من الدخول .. و لا ينفتح الباب الثاني الا حين تترك الحراسة عندئذ يدخل تيار ملوث من الأفكار الفاسدة المسممة بالنفور .. فمثلا هناك فتاتان تتأملان لوحة فنية أحداهما ترى فيها جمالا أما الأخرى فتراها القبح بعينه .. و مع ذلك فاللوحة هي هي لم تتغير .. و لكن المزاج هو الذي يسبغ الجمال او القبح على الأشياء ... العقل الباطن ... خادم ممتاز , و لكنه في المقابل سيد سئ : هناك طرق عديدة تمكننا من تسخير العقل الباطن لخدمتنا .. منها مثلا التحدث مع النفس باستمرار و تطمينها و تشجيعها و بثها بروح الأمل و التفاؤل دوما .. أتعلمون .. كل الدلائل أثبتت لنا بالبحث العلمي أن لا احد قد استفاد من مجموع المواهب و القوى التي يملكها فعلا .. و أن عندنا ينابيع من القوة بالكاد نمسها مسا رقيقا .. قليلون جدا هم الذين استفادوا من هذه الكنوز المدفونة .. لنأخذ مثلا رهافة حس الملمس عند الكفيف .. لقد عمل تحت ضغط الحاجة على تنمية الملكات المغروسة في ذاته حتى عوض النظر باللمس .. ثم انظر الى ما وصلت اليه العلوم الحديثة من التقدم و التكنولوجيا المعقدة بفضل الاستعمال الأمثل لتلك الكنوز الدفينة في العقل الباطن .. أما انه سيد سئ .. فهذا لأنه " محرض " .. فهو يحرضنا على ارتكاب الشرور و الآثام و يجسم التوافه و يعمل من " الحبة قبه " .. العقل الواعي شبيه بقائد سفينة .. و الباطن هو فريق العمل أسفل السفينة .. لذا علينا أن نكون قادة واعيين يقظين في اصدار الأوامر .. و عليه اذا أعطينا أمرا بالشجاعة و الجرأة مثلا .. فبالمقابل يجب أن نكون حذرين في اصدار جمل أخرى مثل : " لا أستطيع " .. " أخاف أن أتألم " .. " بالطبع سأفشل " .. علينا ألا نصدر أمرين متناقضين في آن معا .. لأن العقل الباطن لا يقبل المزاح أبدا .. فهو نشيط و مخلص و سريع .. لذا علينا أن نحرص على اعطائه الأفكار و المشاريع و الأوامر التي تعتزم تحقيقها بكل صدق .. فهو يختزن كل الذكريات و التجارب .. و لا يضيع منها شيئا أبدا .. لذلك علينا أن نعرف أنه ارشيف محايد و علينا وحدنا تقع مسؤلية نفض هذا المستودع و تنظيفه .. اذا سنزيح الغبار عن بعض الذكريات مثلا .. و نرتب ملفات تجاربنا حسب أهميتها و نحرق بعض الأفكار الخاطئة أو المؤلمة قبل أن تقضي علينا و على سعادتنا .. فنحن أولا و أخيرا المسؤليين عن سعادتنا .. و أحب هنا أن اضرب مثالا بسيطا على ذلك .. لنفرض أنك كنت جالسا و تقرأ موضوعا جميلا .. و حاولت ان تشعر بالسعادة و ذلك بتوجيه بطاقة دعوة لها لكي تهل عليك و قلت لها تفضلي أيتها السعادة الرائعة و اغمريني بالسكينة و السرور .. هيا لا تخجلي و رفرفي بأجنحتك علي .. أتعلم ماذا ستفعل تلك السعادة ؟ .. انها ستنظر لك بدهشة و استغراب و تقول لك : للأسف أنا لا البي مثل هذه الدعوات هكذا بمثل هذه البساطة .. لأن لي قوانيني و شروطي التي لا تسمح لي بذلك , و من أهمها أن يكون لديك موضوع أو قضية أو حتى مشكلة و قد سعيت جاهدا لحلها و ايجاد مخرج لها , بعدها آتيك مهرولة و بيدي باقة ورد كبيرة اقتطفتها خصيصا لك من حديقتي نظير ما قمت به من جهود أوصلتك الى الحلول الشافية و بعدها نحتفل سوية بنشوة النصر و الارتياح .. اوه نعم , لا تظن أني غبية أيها الانسان فأنا أذكى منك و أذكى من كل البشر .. اصنع شيئا حقيقيا و ابهرني به فأنا لا أحضر للمتوهمين أبدا .. و بهذا نخلص الى نتيجة مفادها ان السعادة مرتبطة مع الانشغال بمشاكل الحياة و همومها و قضاياها فهي لا تأتيك خالصة " مقشرة " على طبق من الذهب .. طالما اننا لا نقوم بجهد معكوس فلن نتذوق الشهد أبدا الا إذا تذوقنا المرارة و صدق من قال " لا بد دون الشهد من ابر النحل " .. و قد قال في هذا أحدهم : " قد يأتي الخير عن طريق الشر و تبنى السعادة على أنقاض التعاسة " ... وفي النهاية اذا لم يعجبك شئ في الدنيا فعليك و بكل بساطة أن تنهض بسرعة و تقوم بإعادة ترتيب فراشك من جديد حتى تعود لك سكينتك كما قال سندير " هل أنت غير سعيد و لا مرتاح ؟ ان الحياة يا صديقي كالفراش اذا احسست أنه غير مريح فخير ما تفعله هو أن تنهض و تعيد ترتيبه " ... كيف يتكون العقل الباطن : يتكون العقل الباطن نتيجة الكبت .. فمن الواضح انه ليس لدى الطفل اي ازدواج من الشعور أو اللاشعور .. و لكن عملية الكبت تلك تبدأ عندما يدرك أن بعض اعماله تثير الاستهجان لدى الراشدين فيستبعد الدوافع الممنوعة من دائرة الشعور فتتجمع لتؤلف نواة العقل اللاشعوري الذي تعزى اليه فيما بعد الدوافع المنبوذة .. هذه النواة يمكن أن نشبهها بعكر الزيت الذي يترسب في قاع الوعاء ..فالعقل اللاشعوري و الذي تأصل بصورة متينة منذ الطفولة يبقى صبيانيا في جوهره مدى الحياة .. و لذلك تقول المقولة الفرنسية " غظ الكبير تر الصغير " .. ثم جاء فرويد و اظهر النتائج الخطيرة المترتبة على ايغال ذكريات الطفولة الأولى فيما وراء الشعور .. ما أود الاشارة اليه هنا أن الاحساس بالطمأنينة الداخلية و الثقة ينشأ منذ الطفولة الأولى عند التعامل مع أم مطمئنة .. و العكس صحيح تماما .. فالرضيع يجد السكينة في الملامسة المطمئنة لذراعيّ أمه و في حنانها و حبها غير المشروط و رويدا رويدا يربط بالعقل الباطن ثم تصبح أمه جزءا من حبه أي أنه يحتفظ في داخله بفكرة استمرار حبها .. و عند الكبر فهو ليس بحاجة لرؤيتها دائما لمعرفة أنها تحبه .. لأنه يشعر بحبها دوما و أبدا .. و الغريب في هذا الموضوع أنه أحيانا تأتي للانسان أقوى الضربات و اوجعها من أمه مثلا , فتترك أثرا موجعا في قلبه دون أن تشعر .. نعم أحيانا يتألم الانسان و يكون السبب الوالدان أو حتى أقرب الخلان .. يؤذوننا دون أن تكون لديهم فكرة عن مبلغ الأذى الذي يخلفونه في أعماقنا .. مع أن ذلك الأبوين يحبانك حبا شديدا و يحرصان على مصلحتك كل الحرص .. و مع أن ذلك الخلّ يتمنى لك الخير و السعادة دوما .. و فوق ذلك فضرباتهم المؤلمة تطالك أحيانا و تترك أبلغ الأثر .. و لضرب مثال صغير على ذلك .. تلك الأم التي تستخدم التهديد بسحب حبها لكي يطيعها ولدها .. ان الوالدين ليسا واعيين لخطورة عبارة " لا أحب الولد الذي لا يشرب الحليب " ! أو " لم أعد احبك لأنك فعلت كذا " .. هنا يكون الطفل قد كوّن لنفسه فكرة أنه محبوب و لكن بشروط انه محبوب اذا اجتهد في المدرسة مثلا .. أو اذا كان وديعا أو لطيفا و هكذا .. ثم يصبح راشدا و قد ارتدى قناعا يخرس أحاسيسه و مشاعره .. انه يتصرف حسب قوانين العائلة .. أننا يجب علينا ألا نلوم أنفسنا مهما اقترفنا من أخطاء – و لا تفهموني خطأ .. أنا اقصد بالأخطاء هنا الخارجة عن نطاق الدين بالطبع - .. فنحن نستطيع و بكل بساطة أن نصحح من أنفسنا حين نخطأ في حق انفسنا .. أما اذا اخطأنا في حق غيرنا فنحن نستطيع الاعتذار .. أحبابي , الاعتذار ليس عيبا ابدا .. نخطأ كثيرا اذا اعتقدنا ان في اعتذارنا ما يجرح من كرامتنا و يسئ لمظهرنا .. من وجهة نظري .. الاعتذار شجاعة نادرة جريئة .. يجب أن نتجرأ عليها بدلا من أن نحتفظ بالثقل الداخلي داخل أنفسنا .. و الآن .. قولوا معي .. نعم حركوا ألسنتكم معي الآن بكل يسر و سهولة .. اهمسوا معي بهذه الكلمة .. " أنا آسفة "(أنا مرحة " ... أما أنت فقل "أنا آسف" .. هل نطقتموها ؟ أرأيتم كم هي بسيطة هذه الكلمة .. قولوها مرة ثانية .. " أنـــــــــــــا آســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــف " هل تشعرون بشعوري ؟ كم هي بسيطة هذه الكلمة .. أنها تريحنا كثيرا حين نشعر بأننا جرحنا الآخرين دون أن نشعر .. فإياكم ثم إياكم ان تشعروا بأنكم جرحتم انسانا و بخلتم على أنفسكم بالاعتذار له .. صدقوني .. أنتم لا تبخلون عليه باعتذراكم هذا .. و إنما تبخلون به عن أنفسكم .. نعم .. للاعتذار وقت .. و مكان .. يجب ان نتعامل معه بكل ذكاء .. فليس عند أقل خطأ نغرق الآخرين باعتذارنا .. متأسفين .. سامحونا .. لم نكن نقصد .. فهنا لن يصبح للاعتذار أي طعم .. و في النهاية .. أقول كما قال أحدهم : سامح أخاك اذا خطأ ..... منه الاصابة و الشطط و تجافى عن تعنيفه ..... ان زاغ يوما أو قسط من ذا الذي ما ساء قط ! ...... و من له الحسنى فقط !! نعود الآن لذلك الوالدين الذين يبذلان كل ما بوسعهما من اجل أبناءهما .. و ما يفعلانه انما يفعلانه من اجل مصلحتهم أولا و أخيرا .. و هنا يثور السؤال التالي : ما هو السبيل للمرء حين يشك حتى في مشاعره ؟ و كيف تعود له ثقته بنفسه ؟ التي زعزها أقرب الناس اليه ... و الجواب على ذلك لا يتأتى الا من العمل على اكتشاف كائنك الحقيقي بالتعرف على ما ينقصك .. و يكون ذلك بالبحث عن صورة لك و أنت طفل و صورة أخرى و أنت أكبر قليلا .. و بالتأمل فيهما و الذهاب الى ما وراء الصورتين .. و أن تدع الذكريات التي تغوص في أعماق نفسك جيدا تطفو على السطح من جديد .. جد قصة حياتك و انطلق بها قدر استطاعتك بحلوها و مرّها و دقائقها الصغيرة .. ابحث عما كان ينقصك .. و
3 مشترك
سعادتنا .. وهمومنا من صنع أفكارنا
عذبة كلماتي- ...::| عذب مشارك |::...
- رسالة sms :
عدد مشاركاتي : 27
جنسي :
مهنتي :
هوايتي :
نشاطي : 48
- مساهمة رقم 1
سعادتنا .. وهمومنا من صنع أفكارنا
عاشق لبنان- مشرف عام منتديات عذب الكلمات
- رسالة sms :
عدد مشاركاتي : 2439
جنسي :
مهنتي :
هوايتي :
برجي :
نشاطي : 2071
تاريخ الميلاد : 11/04/1970
عمري : 54
مزاجي :
MY MmS :
احترام قوانين المنتدى :
- مساهمة رقم 2
رد: سعادتنا .. وهمومنا من صنع أفكارنا
عذبه كلمتى
بمثل هذه المواضيع نرتقي وكلما اكثرنا منها بصورة ايجابية تقبلها العقل الباطن وسجلها لصالحنا
[يحتاج العقل الباطن لمسايرة وسياسة كسياسة الطفل الصغير ( باللين والهدوء والايجابية ..الخ )
كذلك ما اجمل ان نسلحه بكيفية التخلص من الرسائل السلبية و هادمي الافكار و ومقتولي الغيرة
اشكرك اختي الكريمة عذبه كلمتى لاثارة مثل هذه المواضيع البناءة
بمثل هذه المواضيع نرتقي وكلما اكثرنا منها بصورة ايجابية تقبلها العقل الباطن وسجلها لصالحنا
[يحتاج العقل الباطن لمسايرة وسياسة كسياسة الطفل الصغير ( باللين والهدوء والايجابية ..الخ )
كذلك ما اجمل ان نسلحه بكيفية التخلص من الرسائل السلبية و هادمي الافكار و ومقتولي الغيرة
اشكرك اختي الكريمة عذبه كلمتى لاثارة مثل هذه المواضيع البناءة
سلافه- ...::| عذب بيمون على الاداره |::...
- رسالة sms :
عدد مشاركاتي : 279
جنسي :
مهنتي :
هوايتي :
نشاطي : 446
مزاجي :
MY MmS :
احترام قوانين المنتدى :
- مساهمة رقم 3
رد: سعادتنا .. وهمومنا من صنع أفكارنا
موضوع اعجبني كثيرا
شكرا لك اختي
اتمنى ان تكملي بهذا الاسلوب وبهذا الابداع
دمت بكل ود
شكرا لك اختي
اتمنى ان تكملي بهذا الاسلوب وبهذا الابداع
دمت بكل ود